يتهدد فلسطينيي النقب المحتل عام 1948، نكبة ثانية، بعد مصادقة سلطات الاحتلال الصهيوني على مخطط "برافر" الذي يقضي بترحيل أكثر من 30 ألف مواطن من أراضيهم بدواع واهية تتعلق بالتطوير الاقتصادي للمنطقة.
وأثار القرار موجه غضب وسخط عارمة في صفوف سكان النقب الذين اعتبروا أن هذا القرار يهدف بالدرجة الأولى إلى ترحيلهم وتكرار مسلسل النكبات الفلسطينية.
ويقول المواطن محمد بدير لـ"الاستقلال": هذا المخطط عنصري بالدرجة الأولى، فهذه الأرض هي أرضنا ولن نخرج منها إلا بعد أن نصبح جثثًا".
وأوضح بدير -الذي يسكن قرية كسيفه ويعمل مزارعا- أن خطورة المخطط تكمن في أنه يصفّي بشكل نهائي قضية ملكية فلسطينيي النقب لأراضيهم، مشيرًا إلى أن كافة التعويضات التي تطرحها سلطات الاحتلال "لا تساوي شيئًا أمام ذرة تراب من أرضنا".
وأضاف: (إسرائيل) تحاول اقتلاعنا من أراضينا منذ زمن طويل عبر اختلاق القوانين العنصرية بدافع أمني أو اقتصادي، ولن يهدأ لها بال حتى تخرجنا من أرضنا ولكن ذلك لن يحدث بصمود الفلسطينيين الذين لن يقبلوا بأي أفكار أو اقتراحات لتهجيرهم".
المخطط الأخطر
وقال العضو العربي في الكنيست الصهيوني جمال زحالقة، إنّ المخطط ينطوي على تهجير 45 قرية فلسطينية من النقب المحتل، وهو أخطر بكثير مما يمكن تصوره، حيث ترفض سلطات الاحتلال الصهيونية الاعتراف بها، كما يتضمن تهجير عشرات الآلاف من فلسطينيي النقب".
وأضاف زحالقة لـ"الاستقلال": المخطط الصهيوني "هو الأخطر في مسلسل التهويد ويعتبر مخططًا أمنيًا يسعي لاقتلاع عرب النقب، والخطة تعني احتلال النقب من جديد والسلطات لا زالت تتعامل معنا بمنطق العصا والجزرة".
وأما بخصوص التعويضات المقترحة، فأوضح أنها تتضمن شروطًا صعبة، "بينما لن يكون هناك تعويض بأراض مقابل أراضي النقب العربي، والتي تصل مساحتها إلى 300 ألف دونم، والمخطط يطرح تعويض أصحاب الأرض بمبلغ لا يزيد عن ألف شيقل فقط للدونم الواحد".
كما أشار إلى أن المخطط يتضمن عدم التعويض مقابل كل أرض يزيد انحدارها عن 13%، ما يعني تقليص التعويض بدرجة غير معقولة بالنظر إلى طبيعة الأرض في النقب.
موقف موحد
بدوره، أكد الناشط الجماهيري في لجنة الدفاع عن القرى غير المعترف بها في النقب المحتل، عبد الحميد الهوجي، أن الجماهير الفلسطينية في النقب، سترفض أي مساومة على أراضيها، مطالبًا الكل الفلسطيني بعدم التعامل مع هذا المخطط بالمطلق والخروج بموقف موحد.
واستغرب الهوجي من محدودية التحرك السياسي والشعبي لبعض الأحزاب الفلسطينية في الداخل المحتل، وقال: "هناك جمهور غير مبال تجاه قضاياه المصيرية وهو بحاجة إلى توعية وحث وتنشيط ".
وأضاف: الوضع في غاية الصعوبة والخطورة، لكننا نعيش على أمل أن نستطيع تنظيم الناس وتطوير آليات الاحتجاج الشعبي لتشمل كافة المناطق العربية لمواجهة هذا المخطط بأنجع الأدوات".
وتابع الهوجي: الحراك ضعيف ولا يرقى لمستوى قضية حارقة كما هي قضية النقب، وتكمن الخطورة أنّ هذه المرة لم يقتصر الأمر على مجرد اقتراحات، بل سيصبح قانونًا في الكنيست، مما يعني أن اعتراض المواطن على المخطط يعني المصادرة، وللأسف العرب عامة لا يعون هذه المخاطر".
نكبات متتابعة
ويسكن فلسطينيو النقب، الذين سيتم الاستيلاء على أراضيهم، في القرى غير المعترف بها من قبل سلطات الاحتلال والتي يصل عددها إلى نحو 40 قرية يسكنها قرابة 75 ألف نسمة.
وكانت (إسرائيل) رحلت في سبعينيات القرن الماضي، عشرات الآلاف من فلسطينيي النقب من أراضيهم وأسكنتهم في سبع بلدات أقيمت خصيصًا لهم بالنقب وبينها البلدات التي سيتم نقلهم إليها الآن.
وفيما ترفض (إسرائيل) الاعتراف بالقرى الفلسطينية في النقب على مر السنين الماضية أقامت بلدات صغيرة ومزارع فردية لليهود على مساحات شاسعة في النقب بعد مصادرتها من أهلها الفلسطينيين.
وصادقت الحكومة الصهيونية مؤخرًا على مخطط يقضي بترحيل أكثر من 30 ألف فلسطيني عن أراضيهم في النقب، فيما أعلن ممثلوهم أن حكومة (إسرائيل) أعلنت، بهذه المصادقة، الحرب على البدو، معتبرين المخطط "نكبة ثانية واحتلالا جديدًا للنقب بأسلوب استعماري يدمج الترحيل بالتطوير الاقتصادي".
وأعلنت الحكومة الصهيونية، التي ألقت بغموض شديد حول تفاصيل الخطة وجدول تطبيقها، أنّ "الخطة مكونة من أربع أسس: (1) ترتيب الاستيطان البدوي المشتت في النقب (2) تطوير اقتصادي للمجتمع البدوي في النقب (3) تنظيم وضع ملكية الأرض (4) وضع إطار لتطبيق الخطة وفرضها ضمن جدول زمني واضح".
وادعت الحكومة الصهيونية أنّ الخطة هي جزء من مجمل المشاريع الحكومية لتطوير النقب وأن هدفها هو دمج أفضل للبدو في المجتمع الصهيوني، وإلى تقليص الفوارق الاقتصادية بين المجتمع البدوي وباقي المجتمع الصهيوني".
وفي أعقاب إعلان قرار مصادقة الحكومة الصهيونية على مخطط "برافر" تظاهر المئات من الفلسطينيين في الداخل، أمام مكتب رئيس الحكومة الصهيونية، بناء على دعوة لجنة المتابعة العليا للجماهير العربية.