الأخ أبو موسى: فلسطين هي فلسطين العربية.. لا تزال تسكن في ضمير شعبنا وأمتنا
-التحرير طريق العودة
-مشروع البرنامج المرحلي عام 1974 هو بداية الخطيئة..
-مصير الغزوة الصهيونية كمصير سابقاتها من الغزوات الاستعمارية.. إلى زوال
بمناسبة الذكرى الـ 43 لإنطلاقة حركة التحرير الوطني الفلسطيني –فتح- وانطلاقة الثورة الفلسطينية المعاصرة في غرة كانون الثاني العام 1965 التقت مجلة (فتح) الأخ أبو موسى أمين سر اللجنة المركزية للحركة، وأجرت معه حواراً مطولاً تناول معاني ودلالات هذه الذكرى في ظل الظروف الراهنة وواقع قضية الأمة المركزية قضية فلسطين. وفيمايلي نص الحوار:
س1: أخ أبو موسى لقد عايشتم الكفاح الفلسطيني عبر أعوامه الممتدة، منذ ما قبل النكبة وانطلاقة الثورة الفلسطينية المعاصرة إلى اليوم، ولخصت ذلك في عبارة << فلسطين قضية حياتي>>، لكن بالرغم من ذلك، وأمام التشوه الذي أصاب القضية بفعل نهج التسوية، هناك سؤال بات يطرحه البعض مفاده ماذا تعني فلسطين اليوم؟..
ج1: فلسطين اليوم لاتزال هي فلسطين،فلسطين العربية التي نذر لها شعبنا طيلة أكثر من قرن من الزمان الكثير من الشهداء والأسرى والرجال الذين علقوا على مشانق بريطانيا منذ احتلالها فلسطين عام 1917، لا تزال فلسطين في ضمير الشعب الفلسطيني، أرض للعرب، لاحق، أي حق لهؤلاء الغزاة الصهاينة فيها، الذين استوطنوا على أرضها بقوة الاحتلال البريطاني، ونهبوا أرضها ظلماً وقهراً بقوة حراب الاحتلال البريطاني الذي اسندت إليه عصبة الأمم المتحدة تنفيذ وعد بلفور، الذي أتاح للعدو إقامة كيانه الغاصب على أرض فلسطين. تعلمون كما الجميع أن الاحتلال البريطاني، قد أسهم إسهاماً كبيراً وبكل الوسائل في الاستيلاء على الأرض العربية، فضلاً عن دور بعض الملاكين العرب في بيع الأراضي للوكالة اليهودية، أمثال عائلة سرسق التي كانت تمتلك مرج ابن عامر كاملاً بقراه العربية الـ36 التي أبيدت مبكراً، وأيضاً سهل الحولة الذي بيع من قبل عائلة أل سلام، وكذلك منطقة بيسان وطبريا، إلخ.. من الأراضي الفلسطينية، وذلك بعد أن تم تقسيم المنطقة العربية وفق اتفاقية سايكس بيكو، حيث أصبحت سورية تحت الانتداب الفرنسي وكذلك لبنان، بينما وقعت فلسطين تحت الانتداب البريطاني، أما الشعب الفلسطيني فلم يفرط بذرة من تراب وطنه، ولم يقبل ببيع أي أرض للمستوطنين الصهاينة، لذلك نقول إن فلسطين ستبقى في ضمير الشعب الفلسطيني، وحقهم كذلك القائم بامتلاك هذه الأرض والعودة إليها بعد أن يتم تحريرها، وهنا أقول إن حق العودة لن يتم من خلال الحوارات أو القرارات الدولية. حق العودة لن يتحقق إلا بالتحرير، تحرير فلسطين كاملاً، وإزالة الكيان الصهيوني، مهما طال الزمن. يمكن أن لايتم التحرير في هذا العصر الذي نعيشه، لكن بإرادة شعبنا، وباستمرار المقاومة والنضال المستمر منذ ما يزيد على قرن ونيف، حتى من قبل الاحتلال البريطاني حيث كان شعبنا يقاوم بدايات الهجرة اليهودية إلى فلسطين. ففلسطين التي عشنا، في مجملنا فترات من حياتنا في النضال من أجل تحريرها، سنبقى معها على ذات العهد، عهد الاستمرار في النضال والمقاومة، وسنورث هذا بالفعل المقاوم إلى أبناءنا، كما ورثناه عن آبائنا، وستبقى فلسطين هي فلسطين العربية، التي استولى عليها العدو عنوة بمؤامرات غربية، استمعارية وبتواطؤ بعض الأنظمة العربية.
س2: نحتفل اليوم بالذكرة الـ43 لانطلاقة فتح والثورة الفلسطينية المعاصرة، هل ما زالت هذه الذكرى تحتفظ بذات المعاني، كما الأهداف عند انطلاقتها، أم أن تغيراً قد طرأ عليها بفعل التحولات الكبرى الجارية على كافة الصعد؟..
ج2:عندما نتحدث عن انطلاقة حركة فتح، انطلاقة الثورة الفلسطينية المعاصرة، في ذكراها الـ43، علينا أن نقف أولاً على الدوافع والمسببات التي فرضت على الشعب الفلسطيني أن يفجر وأن ينتج هذه الثورة. فكما يعلم الجميع أن الظلم الكبير والجريمة الكبرى التي وقعت على الشعب الفلسطيني بفعل نكبة عام 1948، وتشريد 90% منه عن أرضه، لا يزال حياً في ذاكرة الشعب الفلسطيني، مثله مثل عجز الجيوش العربية التي دخلت إلى فلسطين للدفاع عن شعبها. وتحت شعار تحرير فلسطين أيضاً قامت بالانقلابات والثورات في البلاد العربية، سورية، مصر، العراق، اليمن، لكن ثبت بالملموس أنها جميعاً لم يكن لديها برنامجاً واستراتيجية لتحرير فلسطين. إضافة إلى ذلك ثمة دوافع إيجابية حيث كان لبعض الثورات العربية، كثورة الضباط الأحرار التي بدأت تنحو منحى قومياًً، في تشجيع الشعوب في آسيا وإفريقيا على القيام بالثورات ضد الاستعمار، وأيضاً ثورة الجزائر التي كان لها نصيب في تشجيع الشعب الفلسطيني على التفكير في كيفية استرداد حقه، وفي أن يكون له الدور الريادي في تحرير وطنه. باختصار إن الواقع المأساوي الذي عاشه الشعب الفلسطيني بعد النكبة- ولا يزال- والدوافع الإيجابية، هي التي شجعت نفر منه على التفكير بالقيام بالثورة. لكن ورغم الإنجازات الكبيرة التي حققتها الثورة،(1965-1974) مثل معركة الكرامة التي أعطت دفعاً كبيراً وعظيماً للشباب العربي، وأثبتت أنه بإمكان الشعوب العربية إذا ما تهيأ لها أسباب المقاومة والقتال أن تحقق الانتصارات وتلحق الهزيمة بالعدو..على الرغم من ذلك فإنه وبعد حرب أكتوبر 1973، جرى تحول عن الأهداف الوطنية التي انطلقت من أجلها الثورة المعاصرة، حيث بدأت القيادة الرسمية في م.ت.ف. التنازل عن الأهداف الاستراتيجية للنضال الفلسطيني: تحرير الأراضي المحتلة عام 1948، حيفا، يافا، الرملة، إلخ.. وطرحت بديلاً لذلك مشروع البرنامج المرحلي، برنامج النقاط العشر التي شكلت نقطة انعطاف في مسار الثورة الفلسطينية، وثم أخذت القيادة الرسمية تضبط إيقاع حركتها وتنسق مواقفها مع الدول العربية وبالتحديد مع مصر أنور السادات، تحت دعوى استعادة الأراضي المحتلة 1967، وفق ما نصت عليه مقررات مؤتمر الخرطوم. من هنا بدأت الخطيئة في سلوك القيادة الرسمية لـ م.ت.ف. وهذا ما أدى إلى الاختلافات في الساحة الفلسطينية، التي انقسمت إلى جبهة رفض، وجبهة قبول واستسلام، إلى أن خرجت المقاومة من لبنان، حيث حصل الانحراف الأكبر، لذلك نقول إن حركة فتح التي انطلقت في 1-1-1965 ليست حركة فتح التي نراها اليوم، إذ قد تخلت عن أهدافها ومبادئها ومنطلقاتها، لذلك كان لا بد من وقفة في لحظة ما وكانت هذه اللحظة 9-5-1983 وذلك من أجل إعادة الأمور إلى نصابها في مسار الثورة والدفاع عن المنطلقات التي انطلقت من أجلها حركة فتح.