غزة- منتدى الشهيد كمال عدوان
"شح فكة، تأخر في قبض الرواتب، غلاء أسعار، انقطاع الكهرباء لساعات طويلة"، عوامل أثرت بالسلب على نفسية المواطن الغزي، وقيدت حركة شراءه، ورغم هذه المعوقات تمكن هذا الشعب من إبقاء فرحة العيد في قلبه، رغم استحياءها، ولم يتنازل عن استعداده لاستقبال العيد، بكل ما أوتي من إمكانات.
يشكو محمد قاسم، صاحب محل إكسسوارات نسائية، من حالة الركود التي أصابت الأسواق هذا العام، مقارنة بالأعوام السابقة، بسبب النسبة القليلة لمبيعات محله هذه الأيام ، التي لطالما اعتبرها البائعون والتجار كل عام بالفترة الذهبية، و تذمر الزبائن الدائم على الأسعار، ناهيك عن تقيده ببضاعته الحالية، بسبب إغلاق الأنفاق والمعابر، في الفترة الأخيرة.
"مفيش فكة"!
أثرت أزمة "الفكة" التي طالت كافة العمليات التجارية هذه الفترة، على تيسير البيع لدى قاسم، التي قيدته لدرجة أن بعض بيعاته فشلت بسبب ندرتها، وعدم توافرها لديه ولدى الزبائن، موضحا":"كثيرا ما اتفقنا أنا والزبون على السعر، بعد إعجابه بالبضاعة، على أن تأتي مرحلة الدفع، فيعطيني نقود بقيمة كبيرة ولا أستطيع أن أرجع لها الباقي، ويكون الحل دائما، أن البيعة إما تأجلت أو فشلت.
عدم تحسب قاسم لهذه الأزمة الفعلية، جعله يرتكب في حق نفسه، غلطة فادحة على حسب قوله، وخاصة بعد أن تفاجئ بكثير من جيرانه أصحاب المحلات، اللذين تيسرت عملية البيع لديهم بسهولة ولم يشكو أزمة الفكة، إلى أن عرف السبب وهو تجميعهم "الفكة" من قبل شهر رمضان بفترة!
حرص رائد الشوا، صاحب محل الأحذية، قبل مجيء شهر رمضان بفترة على تجميع أكبر قدر ممكن من "الفكة"، تنبئاً بحدوث هذه الأزمة التي أصبحت أزمة كل عام، مضيفاً:"لا أعرف السبب المباشر والحقيقي وراء هذه الأزمة، إن كانت مفتعلة أم لا، ولكني أعتقد أنها مشكلة بنوك ليس إلا".
نور القزاز و مصطفى النجار صديقان خرجا للتسوق ومعهم ما يكفيهم من نقود، ليفاجئوا أثناءها بأن لا قيمة لنقودهم عندما لا تتوافر "الفكة"، فلم يقوموا بشراء كل ما يحتاجونه، حتى المواصلات شكلت لديهم أزمة حقيقية بسبب عدم وجود فكة كافية لدى بعض السائقين.
يرجح القزاز سبب الازمة يكمن في تجميع التجار وأصحاب المحلات "الفكة"، فترة قبل شهر رمضان، حتى يضعوا غيرهم من تجار في أزمة حقيقية، ليتمكنوا هم من البيع وغيرهم لا.
الزبائن تضع "لايك" للبضاعة ثم تذهب!
يصف رائد الشوا، صاحب محل الأحذية لمنتدى الشهيد كمال عدوان حركة السوق بالضعيفة جدا، فأغلب الزبائن يدخلون محله للفرجة فقط، رغم تنزيله أسعار بضاعته للنصف، ويعلل الشوا ذلك بسبب أحوال الشعب الاقتصادية الصعبة، فالدخل كما هو، والغلاء يطال كافة جوانبه الحياتية.
يؤكد الشوا على أن تأخر قبض الموظفين رواتبهم، كان السبب المباشر في حركة السوق النائمة، أيضا عدم توافر السيولة في العملة وخاصة الفكة أدى إلى مشكلة كبيرة، أعاقت عملية البيع.
تثير البضاعة المعروضة بالسوق استياء فدوى كلاب، التي خرجت للتسوق من بداية شهر رمضان، إلى آخر يومين من هذا الشهر، ولم تجد ما تبحث عنه من حاجيات، بمواصفات عادية جدا حسب قولها، مشيرة إلى الغلاء الجنوني بالأسعار، على بضاعة لا تستحق كل هذا الغلاء، وخاصة في محلات الأحذية وملابس الأطفال، لأنها حاجيات أساسية مضطر لها أغلب الزبائن.
تعترض كلاب على استغلال بعض البائعين لهذه الأيام من شهر رمضان، اللذين يخرجون بضاعتهم القديمة التي لم تباع بالأيام العادية، لإيقانهم أن الناس لا يوجد لديها خيار سواها، ناهيك عن تعمدهم رفع أسعار كافة السلع لأكثر من الضعف، مبينة، "من حق الشعب على كافة مستوياته المادية أن ينعم باستقبال العيد بكل ما هو جديد، وذلك يتحقق بتناسب الأسعار مع كافة أحوالهم المادية".
لا للاستغلال
ينفي محمود مرزوق، صاحب محل ملابس حريمي، استغلاله الزبائن بهذه الفترة من ناحية الأسعار، مؤكداً:"أعلم أن غيري من البائعين استغلوا هذه الأيام من شهر رمضان أسوأ استغلال، وذلك برفع الأسعار إلى الضعف وأحيانا أكثر، ولكني لم افعل مثلهم".
يرى مرزوق أن بركة الربح لا تتشكل من معاناة أبناء شعبه الذي يعاني الأمرين من أزمة الحصار وتدني الحالة الاقتصادية، لذا حرص كل الحرص على تناسب أسعاره مع كافة مستويات الزبائن المادية، مستطرداً:"هناك بضاعة لا أستطيع أن أنزل من سعرها، لأنها بالأصل رأس مالها غالي علي، وهي ندرة ولها أناسها اللذين يقدرون قيمتها".
وفي قلب محل مرزوق كانت أم كريم قرضاي تقلب البضاعة لتجد ما يناسبها هي وبناتها، لتتحدث لدنيا الوطن قائلة:"عند بائعين غزة هناك أزمة يجب عدم التغاضي عنها، وهي "أزمة الضمير", وعدم إحساسهم بمشاكل أبناء شعبهم المادية، ليصبح الاستغلال على عينك يا مشتري، مواصلة:"أنا مثلا الآن خارجة أتسوق لبنتين فقط، ورغم ذلك الأسعار خيالية، فكيف التي لديها بدل البنتين خمس بنات أو أكثر، ترى هل ستقوم بكسوتهم في ظل هذه الأسعار التي لا تتناسب مع مقدرة المواطن الغزي".
بضاعة تركية!
تستغرب أم كريم من بعض البائعين اللذين يعللون دائما غلاء بضاعتهم لأنها من تركيا، مضيفة:"ألا يعلم هؤلاء التجار أن مثلما هناك زبائن يستطيعون شراء هذه البضاعة، هناك لا يستطيعون البتة شراء قطعة حتى منها، فلماذا إذن جميعها من تركيا؟!".
تؤكد أم كريم على أن الأسواق الشعبية هي التي احتلت المرتبة الأولى في هذا الموسم من عمليات البيع والشراء، بعكس محلات سوق الرمال، التي لحظت ركود حركة زبائنهم.
تفاجئ محمد البطنيجي، صاحب محل ملابس أطفال، من حصيلة بيع بضاعته له الموسم التي تدنت للنصف مقارنة بمواسم الأعياد السابقة، وخاصة أن ما يبيعه من الضروريات وليس كماليات، فكل أب وأم حريصين كل عيد على إدخال الفرحة على قلوب أبنائهم، وذلك من خلال كسوتهم بكل ما هو جديد.
درس البطنيجي حال الزبائن لهذا العام، وما هي البضاعة التي تتناسب معه، وحرص على جلب بضاعة جميلة بأسعار مناسبة، وكان متوقعا موسم حافل، ولكن ما لاقاه من حركة راكدة في السوق خيب ما كان متوقعه، مبيناً:"تأخر صرف رواتب الموظفين كان السبب الأول في حدوث هذه الأزمة، التي لم يسبق لها مثيل منذ افتتاحي هذا المحل، أيضا حال أبناء الشعب الاقتصادي المتدني، والحالة النفسية التي وصلوا إليها بسبب انقطاع التيار الكهربائي لساعات طويلة.