محاكمة مبارك وانهيار مكانة الولايات المتحدة في الشرق الأوسط
القدس المحتلة
كتبت "يديعوت أحرونوت" في موقعها على الشبكة أن صور محاكمة الشخص الذي اعتبر في السابق الأقوى في مصر، والآن يرقد على حمالة في داخل قفص الاتهام، قد فاجأ كثيرين في كافة أنحاء العالم، إلا أن الأهم هو الأبعاد السيئة لذلك على علاقات الولايات المتحدة مع قادة العالم العربي الذين يدركون الآن أن القوة الغربية العظمى لن تتمكن من إنقاذهم من مصير مماثل في حال تصاعدت الاحتجاجات في بلادهم.
وقال البروفيسور إيتان غلبوع، من جامعة تل أبيب ويعتبر خبيرا بشؤون الولايات المتحدة "إذا كنت ترمي صديقا مثل حسني مبارك للكلاب، فإن ذلك يعني أنه لا يمكن الاعتماد عليك".
وأضاف غبلوع، الذي أشغل سابقا منصب مستشار لمكتب رئيس الحكومة ووزارة الأمن، إن "دولة عظمى لا تعمل تعتبر ضعيفة في هذا الجزء من العالم.. وإذا كان المصريون يعملون ما يريدون خلافا لرغبتك، بالرغم من 1.2 مليار دولار تدفعهم لها سنويا، فإنت لست على الخارطة".
ويدعي أنه لو كانت مكانة الولايات المتحدة أقوى فمن الجائز الافتراض أنها كانت ستتمكن من منع تقديم حليفها للمحاكمة. وقال إنه من الممكن أن تكون الولايات المتحدة قد مارست ضغوطا، ولكنها لم تنجح، ما يعني أن السلطات المصرية تخشى أكثر من الشارع والاحتجاجات التي قد تثور في حال لم يتم تقديمه للمحاكمة.
وقال البروفيسور يورام ميتال، رئيس قسم دراسات الشرق الأوسط في جامعة بئر السبع، إن تأثير محاكمة مبارك يخرج عن نطاق مصر. وقال إن "قادة سورية وليبيا واليمن ونظراءهم بالتأكيد لا يتوقعون أن يتم خلاصهم من قبل الولايات المتحدة".
وتابع ميتال أن هؤلاء القادة متيقنون من أن الولايات المتحدة لن تقف إلى جانبهم، وأن الرسالة التي تنطوي عليها محاكمة مبارك هي أنه حتى القائد التي يحكم بيد من حديد عشرات السنين، مثل مبارك، فإنه ليس فوق القانون، وأن ذلك من الممكن أن ينتهي بتقديمه مهانا للمحاكمة مفتوحة.
وأضاف أنه انطلاقا من هذه الفرضية فإن قادة الدول العربية قد اتخذوا إجراءات مختلفة، حيث أن السعوديين وزرعوا عشرات المليارات لوقف أعمال الاحتجاج التي بدأت. ويتابع أنه في مواقع أخرى، مثل الأردن حليفة الولايات المتحدة، لا يوجد مثل هذه الأموال للتصرف بشكل مماثل، وبالتالي فإن الانتقادات للولايات المتحدة في تصاعد.
وقال أيضا إن الدول العربية المتحالفة مع الغرب هي الدول المتضررة، مثل دول الخليج والسعودية، ولذلك فهي تخشى تعليق الآمال على الولايات المتحدة.
وتحت عنوان "الإمبراطورية أعلنت إفلاسها" يقول البروفيسور غلبوع إن هناك خطا يربط بين محاكمة المخلوع المصري وبين أفول نجم الإمبراطورية الغربية في نظر الشرق الأوسط كله.
ويضيف أن عدم بلورة موقف أمريكي خلال الثورة المصرية يشير إلى ضعف شديد ومتواصل، وحتى الدول الغربية تنظر إلى الى الولايات المتحدة كمن تنازلت عن "أملاكها" في المنطقة.
ويتابع غلبوع، الذي عاد مؤخرا إلى البلاد بعد جولة لقاءات مع مسؤولين أمريكيين، أنه استمع إلى كثيرين في الولايات المتحدة يقولون إنه لا يوجد لها ما تفعله في الشرق الأوسط، وبالتالي فالدولة العظمى التي لا تجد ما تفعله فهي ضعيفة.
وقال إن ما يؤكد ذلك هو أن الأداء الأمريكي تجاه سورية وليبيا، فهي تدعم المتمردين الليبيين بدون أن تعرف من هم، وماذا سيفعلون عندما يصلون إلى سدة الحكم، وهكذا في سورية وفي مصر. على حد قوله.
ويدعي غلبوع أن الوضع الحالي هو ضربة للأمل بأن يكون هناك نظام جديد وديمقراطي، حيث يحكم مصر الآن مجموعة عسكرية، وتعود الدولة إلى فترة جمال عبد الناصر. وبحسبه فإن طنطاوي هو أحد عناصر النظام القديم ويحاول أن يرمي بجثة مبارك للجمهور لكي ينقذ نفسه.
ويخلص إلى القول إن وضع مبارك، حليف الولايات المتحدة، يؤكد أن الولايات المتحدة تعلن إفلاسها في الشرق الأوسط".
وينضم غلبوع إلى ميتال في القول إن "الظاهرة تؤثر بشكل خاص على الدول العربية المتحالفة مع الولايات المتحدة، فهي تقول الآن إن مبارك يدفع الآن ثمن علاقته مع الغرب والولايات المتحدة وإسرائيل". ويضيف غلبوع أنه في سورية لن يقدم الأسد للمحاكمة.
وبحسبه فإن الوضع الحالي يلزم دول العالم العربي بالبحث عن قوة إقليمية جديدة، وهي إيران النووية. ويعتبر دليلا على ذلك، محاولة مصر بناء علاقات مع إيران وحركة حماس.
وقال أيضا إن الولايات المتحدة قد تدهورت إلى حد فقدان السيطرة في وسط حلفائها الأقرب إليها، وأن ذلك بدأ بالسياسة الساذجة لباراك أوباما والتي فشلت فشلا ذريعا. وبحسبه فقد مس أوباما بمصر المرة تلو المرة بدءا من خطابه في القاهرة حيث أصر على أن يكون ممثلو الاخوان المسلمين بين الحاضرين خلافا لرغبة النظام المصري. ويضيف أن أوباما اعتقد لاحقا أن التخلي عن مبارك والتوجه إلى أحضان المتظاهرين سوف يجعلهم يتنازلون عن تقديمه للمحاكمة، إلا أن العكس هو ما حصل.
ويقارن غلبوع بين أداء إدارة أوباما وبين أداء المستشار الأمني للرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارتر الذي التقى مع عناصر الخميني في باريس قبل الثورة الإيرانية، واعتقد بسذاجة أن ذلك سيعبد الطريق أمام علاقات مستقبلية مع النظام الجديد.
كما يدعي أيضا أن "إدارة أوباما رغبت في أن تتحول مصر إلى ديمقراطية وأن تكون نموذجا في الشرق الأوسط، مثلما أراد سابقه بوش أن يحصل في العراق، ولكن ذلك لا يمت للواقع بصلة، فالأبحاث الأخيرة تشير إلى أن صورة الولايات المتحدة وأوباما في العالم العربي في الحضيض".
وفي نهاية التقرير يشير غلبوع إلى أن ما أسماه "ضعف العام سام" له أبعاد على إسرائيل. وبحسبه فإنه مع تراجع قوة الولايات المتحدة يتراجع الردع الإسرائيلي، وتصبح اتفاقية السلام مع مصر "في خطر".
ويتابع أن "السيرك السياسي في الأمم المتحدة هو جزء من القضية، فالفلسطينيون يطالبون بدولة خلافا لموقف الولايات المتحدة، وهو أمر لم يكن ليحدث لو كانت الأخيرة في أوج قوتها.. وهذا يدل على فقدان القدرة على التحدث مع القادة العرب وممارسة الضغط"، ويخلص إلى أن مكانة الولايات المتحدة تنهار في الشرق الأوسط