عميد الأسرى الإداريين و" رحلة سرقة الأعمار"
نابلس- منتدى كتائب الشهيد كمال عدوان
- ليست ككل حكايات الأسرى ولكنها الأصعب، وليست ككل الراويات ولكنها الأكثر التصاقا في الذاكرة، تمر معها السنون ويشيب معها الشعر وتبقى حية متوقدة في الذاكرة، قد تداهمك في المشيب من دون استئذان حتى وإن أردة العزلة عن ماضي الشباب في النضال، والتفرغ لصلح بين الناس أو أختارك الناس لتخدمهم وتدفع وقتك وجهدك وحياة عائلتك لا ترضى لك بذلك إنها رحلة الاعتقال الإداري، لست مذنبا ولكنك عند الاحتلال أنت كبير المجرمين، لا تحتاج إلى كثير من المعانة لتعرف كيف تسرق الأعمار من بين جنبات الإنسان في وطن وهبت له كل الأعمار لكي يبقى حيا بعيدا عن النسيان ، فمفرداتها صعبة الفهم إلى في عرف الاحتلال التقرير السري ، وخطير على أمن المنطقة، وخطير على أمن الجمهور، مصطلحات ضاق بها فتحي الحايك ذرعا قبل أن يرى فجر الحرية عائدا إلى أطفاله، ومعانقا تراب بلدته التي انتخبته على رأس المؤسسة التي تدير البلدة وهي المجلس القروي جعلته متهما في نظر الاحتلال إلى حين تركه لمنصبه طوعا أو كرها.
مابين سجن عوفر والنقب وريمون، خرج لنا عميد الأسرى الإداريين الأسير المحرر فتحي الحايك بصورة متكاملة، حول القسوة والوحشية التي يتعامل بها الاحتلال مع الأسرى الفلسطينيين داخل السجون، لربما تستطيع هذه الكلمات وصفها.
الأسير المحرر فتحي الحايك رئيس مجلس قروي زيتا الواقعة غرب مدينة نابلس، وأب لستة أطفال، اعتقلته قوات الاحتلال على حاجز عطارة ، شمال مدينة رام الله بينما كان ذاهباً لمكان عمله، ليمضي بين قضبان السجن ما يقارب 38شهراً بالحكم الإداري المتكرر، ويصبح معه عميداً للأسرى الإداريين الفلسطينيين.
قصة الاعتقال...
حول قصة اعتقاله روى الأسير المحرر فتحي الحايك لـ"مركز أحرار لدراسات الأسرى وحقوق الإنسان" الظروف التي مر بها: تم اعتقالي على حاجز عطارة القريب من مدينة رام الله وكان ذلك بتاريخ12/11/2006، أثناء توجهي للعمل، وكانت حجتهم في ذلك بأنني مؤيد لحركة حماس، وأشكل خطراً على أمن المنطقة، وهي تهمة سياسية، ولكن تم بعدها إطلاق سراحي وعدت إلى المنزل، وبعد 6 أيام من تاريخ الاعتقال قام جنود الاحتلال باعتقالي مرة أخرى، وبنفس الطريقة التي اعتقلت بها في المرة الأولى وعلى نفس الحاجز.
ويتابع الحايك (لأحرار): تم وضعي في جيب إسرائيلي، ونقلي إلى سجن عوفر، وبعد صدور الحكم بالسجن الإداري لمدة 6 أشهر أمضيت ثلاثة منها في عوفر، ليتم نقلي بعدها إلى سجن النقب لاستكمال فترة الحكم المتبقية.
ويضيف: بعد أن شارفت محكوميتي على الانتهاء ، إذ لم يتبق منها سوى أسبوع واحد، وتوقعاتي كانت بقرار للإفراج عني إلا أنني تفاجأت بتجديد الاعتقال الإداري مدة 6 أشهر ثانية دون سبب مقنع، وأمضيتها في سجن النقب، وما حدث في المرة الأولى تكرر في المرة الثانية حيث تم التجديد للمرة الثالثة، وتبعها تجديد الحكم للمرة الرابعة ل6 أشهر، حيث وفي المرة الرابعة تم تخفيف الحكم من 6 أشهر إلى 4، وكنت أتوقع بعدها أن يتم الإفراج عني، إلا أن التجديد بقي مستمراً مدة 5 مرات، بأحكام إدارية مختلفة، لتصبح المدة التي قضيتها في السجن 38 شهراً ، معظمها في سجن النقب وريمون.
في الذاكرة
قصص كثيرة عايشها عميد الأسرى الإداريين، والتي لازالت ذاكرته تقلب صفحاتها ومن بين تلك القصص ما حدث مع زوجته حيث قال: من أصعب اللحظات التي واجهتها هو عدم قدرتي على التواصل مع العائلة والأهل حيث لم يكن في سجن ريمون أي وسيلة اتصال، خاصة أن زوجتي كانت حامل ، وأنجبت وأنا داخل السجن، وبعد فترة طويلة تقارب 6 أشهر، جاءت زوجتي لزيارتي وبنفس الدقيقة التي وصلت بها باب سجن ريمون، قامت إدارة السجن بنقلي إلى سجن النقب، ولم يسمحوا لها برؤيتي، وبعد نقلي إلى سجن النقب، حرمت من قبل إدارة السجن من الزيارة فترة طويلة.
ويتابع: من بين القصص الأخرى التي مازالت حاضرة في ذاكرتي التنقل بالبوسطة، والتي تنقلت بها ما يقارب 20مرة حتى يوم الإفراج عني كان بالبوسطة أيضاً ، وقد تسبب هذا التنقل لي بالكثير من التعب والمشقة، حيث بدأت أشعر بعدم الانتظام في ضربات القلب، وأصبحت أعاني من الضغط ، وأوجاع المفاصل، والإعياء، كذلك فإن إدارة السجن لا تفرق بين الأسرى الفلسطينيين والسجناء الأمنيين الإسرائيليين، فقد كانت تنقلهم بنفس الحافلات التي تستخدم لنقل الأسرى، ومعظم التهم الموجهة لهؤلاء السجناء هي القتل والمتاجرة بالمخدرات، مما يشكل خطراً على الأسرى الفلسطينيين.
ويضيف الحايك: كنا نمضي في البوسطة ما يقارب أربعة أيام متواصلة، مكبلي اليدين والقدمين، نجلس على مقاعد حديدية، ويتم تقديم وجبة واحدة في اليوم، وهي ليست صحية، وغير كافية لسد الجوع لدى الأسير، كذلك لم نكن نستطيع النوم ولو لساعة واحدة، مما أثر بشكل سلبي علينا من الناحية الصحية.
معاناة مختلفة
ومن أبرز القضايا التي يعاني منها الأسرى داخل السجون هي الإهمال الطبي، حيث أن إدارة السجن لا تكترث لصراخ وعويل الأسرى الذين يعانون من أمراض خطيرة، ولا يتم تقديم العلاج اللازم لهم، والقضية الأخرى هي الطعام الذي تقدمه إدارة السجن للأسرى، فهو سيء للغاية، من حيث الكمية والنوعية، وغالباً ما يحتوي على صنف واحد لفترات طويلة، مما يدفع بعض الأسرى لشراء الأطعمة على حسابهم الخاص، بسعر مرتفع جداً.
ويتابع بالقول: لا تقتصر المعاناة على الأسرى وحدهم فقط، بل عائلاتهم أيضاً تعاني الكثير أثناء توجههم لزيارة أبنائهم، حيث يتم تفتيشهم بطريقة مهينة جداً، وبعد الرحلة الطويلة والشاقة التي يقضيها أهالي الأسرى يتم منع البعض من الزيارة، بعد أن يكون قد قطع مسافات طويلة من المشقة والتعب، كذلك فإن إدارة السجن تحرم أهالي الأسرى من إدخال الاحتياجات من ملابس وأطعمة للأسرى، وغالباً ما يتم مصادرتها، أو إدخال أشياء غير مهمة منها، فنحن الآن في فصل الشتاء، وهناك نقص واضح في عدد الأغطية الشتوية والحرامات لدى الأسرى، خاصة أنهم يعيشون في خيم لا تقي من البرد الشديد.
لقاء بعد طول إنتظار
بعد أن عاش فتحي الحايك قسوة السجن ومرارته ، بتفاصيلها وأحداثها، جاء قرار الإفراج عنه بمثابة الحلم الذي عاش فترة طويلة على أمل أن يتحقق، خاصة بعد كل مرة تنتهي فيها فترة الحكم ليتم تمديده مرة أخرى، إلا أن القرار الأخير حمل معه البشرى الطيبة، ليعود عميد الأسرى الإداريين إلى حضن عائلته التي انتظرته طويلاً وحول هذا الموضوع قال الحايك: في تمام الساعة العاشرة صباحاً من يوم الثلاثاء بتاريخ23/1/2010 تم إبلاغي بأن هناك قراراً بالإفراج عني فرحت كثيراً ، وهذا شعور طبيعي لأي شخص يحلم بالحرية، وقمت بالاتصال بعائلتي التي استقبلتني بحفاوة.
ويتابع: أتمنى أن يتم فعلاً الالتفات لقضية الأسرى بشكل أكبر، وتحريكها على المستوى الرسمي والشعبي، وممارسة كافة أشكال الضغط على إسرائيل، من أجل إطلاق سراح الأسرى خاصة الذين يقضون أحكاماً عالية وأمضوا فترات طويلة، ونأمل أن يكونوا